قصيدة جميلة

غداً يرحلون فيا يوم ُرسلك
كن ْ بالظلام بطيء اللّحاقِ
ويا دمع عيني سدّّ الطريق
وأفرغ عليهم نجيع المآقي
ويا نفسي جئهم ُ من أمام
وقابلهم بنسيم احتراق
ويا هم نفسي بهم كن ظلاماً
وقيّدهم نحوى وانطلاقِ
ويا ليل من بعد ذا إن ظفرت
بالصبح فاقذف به في وثاقِ
سيدرون كيف يبيتون عني
إلاّ على جهة الاستراقِ
- أفعال كل امرئ تنبئ بعنصره
والعين تغنيك عن أن تطلب الأثر
-وإن الذي بيني وبين أبي
وبين بني عمي لمختلف جداً
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم
وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً
وليسوا إلى نصري سراعاً
وإن هم دعوني إلى نصر أتيتهم شدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم
وليس رئيس القوم من يحمل الحقد
-وإذا الحبيب أتى بذنب واحد
جاءت محاسنه بألف شفيع
-أعلمه الرماية كل يوم
فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافية هجاني

- من حكم المتنبي
صحب الناس قبلنا ذا الزمان
وعناهم في شأنه ما عنانا
وتولوا بغصة كلهم منه
وأن سر بعضهم أحيانا
ربما تحسن الصنيع لياليه
ولكن تكدر الإحسانا
وكأنا لم يرض فينا بريب الدهر
حتى أعانه من أعانا
كلما أنبت الزمان قناة
ركب المرء في القناة سنانا
ومراد النفوس أصغر من أن
نتعادى فيه وأن نتفانى
غير أن الفتى يلاقي المنايا
كالحات ولا يلاقي الهوانا
ولو أن الحياة تبقى لحي
لعددنا أضلنا الشجعانا
فإذا لم يكن من الموت بد
فمن العجز أن تكون جبانا
كل ما لم يكن من الصعب في الأنفس
سهل إذا هو كانا
-ذريني أنل ما لا ينال من العلا
فصعب العلى في الصعب والسهل السهل
تريدين إدراك المعالي رخيصة
ولا بد دون الشهد من إبر النحل
- إذا غامرت في شرف مروم
فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
يرى الجبناء العجز عقل
وتلك خديعة الطبع اللئيم
وكل شجاعة في المرء تفنى
ولا مثل الشجاعة في الحكيم
-لا افتخار إلا لمن لا يضامُ
مُدركٍ أو محارب لا ينام
ليس عزماً ما مرض المرءُ فيه
ليس هماً ما عاق عنه الظلامُ
واحتمال الأذى ورؤية جانيه
غذاءُ تضوي به الأجسامُ
ذ لُّ من يغبط الذليل بعيشٍ
رب عيش أخف منهُ الحِمامُ
كل حلم أتى بغير اقتدار
حُجة لاجئ إليها اللئام
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلامُ
-بأبي الشّموس الجانحات غواربا
اللاّبسات من الحرير جلاببا
المنهبات عقولنا وقلوبنا
وجناتهنّ الناهبات ِ النّاهبا
الناعمات القاتلات المحييات
المبديات من الدّلال غرائبا
وبسمن عن برد خشيتُ أذيبه ُ
من حر ّ أنفاسي فكنتُ الذائبا
يا حبذا المتحملون وحبذا
وادٍ لثمت به الغزالة كاعبا

قصيدة رائعة مشكور على هذه المشاركة الرائة
وفقك الله